خالد خليفة (1 يناير/ كانون الثَّاني 1964 _ 30 سبتمبر/ أيلول 2023):
روائي وكاتب سيناريو سوري وُلِدَ في بلدة أورم الصغرى في منطقة الأتارب غرب محافظة حلب، ودرس في كلية الحقوق في جامعة حلب، وحاز إجازة (ليسانس) في القانون عام 1988.
لهُ سبع روايات ومجموعة سيناريوهات مُوزَّعة بين التلفزيون والأفلام الوثائقية القصيرة، فضلاً عن سيناريو فلم روائي طويل. وقد ترجمت رواياته إلى لغاتٍ عدَّة كالفرنسية والإيطالية والألمانية والنرويجية والإنكليزية والإسبانية.
تفتَّح وعيهُ مع أخوته في مطلع الثَّمانينيات على مناخات الحراك السياسي والاجتماعي والثقافي المتفاعلة في حلب، ولا سيما في فترة تصاعد الصِّراع بين التيارات السياسية والدينية المتنوعة حينها، وشكَّلَ منزل عائلته في منطقة “المشهد” ملتقىً لمجموعةٍ من الشباب والشابات المثقَّفين، واعتُقلَ عددٌ منهم في أوقاتٍ متفرقة.
كان خالد أحد الأعضاء الفاعلين في فعاليَّة (المُلتقَى الأدبيّ) الشَّهير في جامعة حلب، والذي شاركَ في نشاطاته وحواراته وبعض صداماته مع المؤسسات الرسمية عددٌ من الأكاديميين والنقاد، وما لا يقلّ عن ثمانين شاعراً وشاعرة وقاصَّاً وقاصَّة، وبشَّرَ بأسماء شِعريَّة وقصصيَّة وبعضِ الحساسيَّات الجديدة (نسبيَّاً) في ثمانينيَّات القرن المُنصرِم، قبلَ أنْ يتمَّ إيقافُهُ في عام 1986، وكانَ خالد يكتب حينَها الشعر، فضلاً عن بعض التجارب القصصية.
صُقِلَتْ تجربةُ خالد بعُمق بعد مُشارَكتِهِ في تأسيس (مجلَّة أَلِف/ أَلِف لحُرِّيَّة الكشف الإنسان والكتابة)، التي أظهَرَت تأثيراً مُغايِرَاً ومُضادَّاً إلى حدّ لافت للقبضة الإبداعيَّة التَّقليديَّة، وقد أسَّسها وأطلَقها في عام 1990 برفقة الكاتب والنَّاشر سحبان سوَّاح، عددٌ من المثقفين السوريين الشباب، فضلاً عنِ الشاعر السوري المُخضرَم محمود السَّيِّد الذي اختيرَ ليكون رئيساً لتحريرِها، وأسهمتْ هذه التجربة الغنية في التمهيد لانطلاقة خالد في مضمار كتابة الأعمالِ الرِّوائيَّةِ والسِّيناريوهاتِ التِّلفزيونيَّة، حيثُ كانَ في مرحلة مجلَّة ألِف قد شَرَعَ بكتابةِ روايتِهِ الأُولى (حارس الخديعة) الصَّادِرَة في عام 1993.
آمَنَ خالد منذ بداياتِهِ الرِّوائيَّةِ بولادة رواية سورية جديدة من رحمِ المُجتمع المُغلَق والأُفُق المُغلَق، حيث اتَّسمت أعماله الروائية باشتغال فنّي إبداعي يتحرَّك بإتقان بينَ المُتون والهَوامش، كما في نموذج كتابته، مثَلاً، عن الغَجَر وهوامشهم المنسيَّة في روايته الثانية (دفاتر القرباط) الصادرة في عام 2000، حيث جُمِّدَتْ عضويَّتهُ في اتحاد الكُتَّاب العرب مدَّة أربع سنوات بسبب مضامينها.
أظهرت رواياته الستة المنشورة في حياته ميلاً كبيراً إلى محاولة التجذر في النسيج الاجتماعي والسياسي والثقافي في حلب، في حين كانت مدينة اللاذقية فضاء روايته السابعة المنشورة بعد وفاته في عام 2024، وعنوانها (سمك ميت يتنفَّس قشور اللَّيمون)، حيث تتحدَّث عن خيبات شباب المدينة وشابَّاتِها (أبطالُها موسيقيُّون وشعراء وراقصة)، وعن انكسار أحلامهم وسط فساد إداريّ وسلطويّ هائل.
لكن تظلّ رواية (مديح الكراهيَّة) التي عمِلَ على كتابتها ثلاث عشرة سنة، والصادرة أوّل مرّة في عام 2006 (قبلَ مَنعِها في سورية)، الرواية الأكثر حضوراً وصدىً وتأثيراً، وذلك لما تنطوي عليه موضوعيَّاً وفنِّيَّاً من حفرٍ عميقٍ وحسَّاسٍ وصادمٍ في مسألة الصراع الدموي في سوريا بين السلطة والإخوان المسلمين (تُغطِّي الفترة المُمتدَّة بينَ أعوام 1963 و2005).
تحدَّثَ خالد في أحد حواراته عن هذه الرواية، قائلاً:
“إنَّها لا تناقشُ الأحداثَ بشكلٍ سياسيّ، بلْ تَروِي تلكَ الفترةَ من خلالِ شخصياتٍ حيويَّةٍ تعيشُ في سياقٍ اجتماعيٍّ وسياسيٍّ، وهيَ من ناحيَةِ الخَيَالِ تُعَدُّ أكثَر من مُجرَّدِ توثيقٍ، فالأفكارُ والمَشاعِرُ فيها طازجةٌ، وترتبطُ بالخوفِ المُتراكِمِ لدى الشَّعبِ السُّوريّ، ولهذا فهيَ ليسَتْ محدودةً بزمنٍ معيَّنٍ؛ إنَّما يُمكِنُ أنْ تَنطبِقَ على فتراتٍ مُختلِفَةٍ، ولمْ يَكُنِ الوثائقيُّ، على مِحوريَّتِهِ في الرِّواية، عاملاً أساسيَّاً فيها”.
كتبَ خالد خليفة فضلاً عن أعماله الروائية مجموعةً من السّيناريوهات التلفزيونية، فكانت البداية اللّافتة عندما تبنَّى المُخرِج هيثم حقِّي سيناريو خالد الأول (سيرة آل الجلالي) الذي عُرِضَ على الشاشات أول مرة في عام 2000، واتصف هذا النص بالتفكيك الاجتماعي والسياسي للبيئة الحلبية، وهو الأمر الذي يصب في خط (حقِّي) الدرامي القائم على مسارات التنوير الاجتماعي النهضوي، وقد تعرض المسلسل لانتقادات واعتراضات شديدة من جهات حلبية نافذة، في الآن نفسه الذي دخل فيه تاريخ الدراما السورية بوصفه علامة فارقة في مسيرتها.
اهتمَّ خالد كثيراً في أعماله الدراميَّة بإظهار الطَّبيعة الاجتماعيَّة للطَّبَقة الوسطى في سورية، وحاولَ أن يعكسَ مَعيشَتَها ويومياتِها وطُرُقَ حياتِها، ولا سيما أجواء المثقفين السوريين غناءً ورقصاً ومأكلاً وفُكاهاتٍ؛ إذ كانَ الهاجسُ الهُوِيَّاتيُّ ليسَ من جهةِ الأيديولوجيا؛ إنَّما من جهةِ جماليَّات الحياة الاجتماعيَّة والثَّقافيَّة، عميقاً لديهِ.
عُرِفَ خالد بمواقفه المُناصرة للثورة السورية منذ لحظة انطلاقها، وجاهرَ بذلك باستمرار، وأكَّد دائماً مشروعيتها بوصفها خياراً لا بديلَ عنه في مواجهة الظلم، وسبق أن تعرَّض للضرب حتى كُسِرَت يدُه في اعتداء لأجهزة الأمن السورية عليه، في أثناء مشاركته في تشييع الموسيقي السوري ربيع غزي في 26 مايو/ أيار 2012.
توفي في دمشق بتاريخ 30 سبتمبر/ أيلول 2023، وشاركَ في وداعه عدد كبير من صديقاته وأصدقائه ومحبِّيه، وبدأت الجنازة بالتَّجمُّع ثمَّ الانطلاق من أمام مشفى العباسيين، مروراً بالصلاة على جثمانه في جامع (لالا باشا) في شارع بغداد، وانتهاءً بالدَّفن في مقبرة التَّغالبة (الشُّهداء) الموجودة على سفح جبل قاسيون في حيّ المُهاجرين المطلّ على مدينة دمشق.
آثاره
الروايات
- حارس الخديعة 1993.
- دفاتر القرباط 2000.
- مديح الكراهية (سوريا 2006 _ لبنان 2008): تُرجِمَتْ إلى أكثَرَ من ثماني لُغاتٍ، ووصلَتْ إلى القائِمَةِ القصيرَةِ في الجائِزَةِ العالَميَّة للرِّواية العربيَّة (بوكر) في دورة 2008، كما دخلَتْ في القائمة الطَّويلة لجائزة (الإندبندنت لأدب الخيال الأجنبيّ) في العام 2013، ليفرضَ خالد نفسَهُ بوصفِهِ المُرشَّح العربيّ الوحيد في هذهِ القائِمَة، وصنَّفَها موقع (ليسْت نيوز) الثَّقافيّ الأمريكيّ ضمن أفضل مائة رواية عبر التاريخ.
- لا سكاكين في مطابخ هذه المدينة 2013: حصلت على جائزة نجيب محفوظ للرواية، ووصلت إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية.
- الموت عمل شاق 2016.
- لم يُصلِّ عليهم أحد 2019: صدرت عن دار هاشيت أنطوان نوفل، ودخلت في القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية عام 2020.
- سمك ميت يتنفَّس قشور اللَّيمون 2024 (صدرت بعد وفاته).
المسلسلات
- مسلسل سيرة آل الجلالي 2000.
- مسلسل قوس قزح 2001.
- مسلسل حروف يكتبها المطر 2003.
- مسلسل أهل المدينة 2004.
- مسلسل الوردة الأخيرة 2006.
- مسلسل ظل امرأة 2007.
- مسلسل زمن الخوف 2007.
- مسلسل هدوء نسبي 2009.
- مسلسل المفتاح 2012.
- مسلسل العراب _ نادي الشرق الموسم الثاني 2016.